المجمع المسكونى الأول
مجمع نيقية 325م
عُقدَ في مدينة نيقيا Nicaea (modern Isnik), Turkey عام 325 م عرفت فى العالم المسيحى القديم بأسم نيقية المقدسة وقد غزاها أورخان التركى وأستولى عليها وتسمى اليوم مدينة أزنيق أو أزنيك ، قام الإمبراطور قسطنطين بدعوة أساقفة الامبراطورية إلى نيقية في بيثينيا (شمال شرق تركيا حاليا) ،
وقد كان أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنيسة بعد مجمع الرسل. السبب في عقده هو أنتشار البدعة الآريوسية المتعلقة بطبيعة المسيح التى هددت بأنقسام الكنيسة .
اشترك في هذا المجمع 318 أسقف من أصل 1800 أسقفاً كانوا يمارسون خدمتهم في أنحاء الإمبراطورية الرومانية آنذاك ، ذكر أوسابيوس من قيصرية فلسطين أسماء 250 أسقفا منهم فقط. أما العدد الرسمي الذي يعلن أنه حضر المجمع فهو 318 أسقفا (حضره خمسة فقط من أساقفة من الغرب) وترأس هذا المجمع على الأرجح أوسيوس القُرطُبي ويقال افستاثيوس (الأنطاكي) ويقال ألكسندروس (الاسكندري)
مواضيع المناقشة :-
الآريوسية - عيد الفصح - قبول معمودية الهراطقة
مناقشة بدعة آريوس - من هو آريوس ؟
هو ليبي الجنسية ولا يُعرَف شيئاً كثيراً عن نشاته وعن أسرته ولماذا ذهب إلى أنطاكية حيث درس اللاهوت في مدرسة انطاكية على يد لوشيانوس.
ثم ترك أنطاكية بعد حرم لوشيانوس وجاء إلى الإسكندرية وسيم كاهناً بها على كنيسة بنكاليس ، وكان عالماً مثقفاً وواعظاً مفوّهاً وخطيباً ماهراً ، وزاهداً متقشفاً، وبسبب أسلوبه جذب حوله جماعة من أهل الإسكندرية وخاصة الرهبان والراهبات.
وفى البداية كان يهاجم في عظاته تعاليم سابليوس (التي تقول برفض الأقانيم الثلاثة ولكن أقنوم واحد يظهر بأشكال مختلفة حسب الدور) التي كانت كنيسة الإسكندرية تهاجمها ولكنه فى عظاته وخطبه هاجم عقيدة أزلية الابن وانبثاق جوهره من الآب.
تعاليم آريوس عن الكلمة (الكرستولوجية ):
تتلخص تعاليم آريوس عن الابن والروح القدس في :
1 - إن الابن ليس أزلياً إذ أنه يوجد وقت ما لم يكن الابن موجوداً فيه مع إنه موجود قبل وجود الخليقة ، وهذه الأخيرة قد وُجدت به ، إلا أنه غير أزلي.
2 - الابن غير أزلى وهو خليقة الله الآب مثل الخلائق الأخرى إلا أنه سابق لها.
3 - الابن ليس من جوهر الآب بل من جوهر آخر فقد خرج من العدم بحسب مشيئة الرب وقصده.
4 - الابن متغير وليس ثابت.
5 - إن معرفة الابن للآب محدودة وليست مطلقة ولا يستطيع الابن أن يُعلن لنا مَن هو الآب بطريقة كاملة.
6 - إن الله الآب قد خلق الابن لأجلنا، لأنه عندما أراد أن يخلقنا فقد خلق كائناً يُدعى الكلمة أو الحكمة لكي نكون على صورته، فلو لم يرد الله خلق الخليقة لأصبح وجود الابن مستحيلاً.
7 - إن المسيح الذي يتعبد له المسيحيون ليس إلهاً، ولا يملك الصفات الإلهية المطلقة مثل كونه كلي القدرة والعلم والحكمة، وكونه عديم التغير وأزلي.
8 - بناء على ذلك فهو ليس إلهاً بذاته ومن ذاته ولكنه ارتقى إلى هذه الدرجة عن طريق رفع الآب له.
9 - يعتقد آريوس بأن الروح القدس هو أيضاً أدنى من الآب وهو مخلوق أيضاً.
ويمكن تلخيص عقيدة آريوس في نقطتين هامتين: • كان آريوس يرى في الله الآب إلهاً عظيماً سامياً وبعيداً عن البشر وكل المخلوقات، وكان هذا الإله السامي يريد الاقتراب من هذه الخليقة. • فخلق الكلمة أو المسيح الذي هو أول كل الخليقة والذي أصبح عن طريق النعمة الممنوحة له من الله ثم عن طريق مثابرته وسعيه نحو الكمال حاصلاً على درجة اللاهوت بالتبني.
ألكسندروس وآريوس:
كان ألكسندروس أسقف الإسكندرية في ذلك الوقت شيخاً ضعيفاً ومريضاً وكان بجانبه الشماس أثناسيوس المتقد غيرة وحماسة، عندما سمع ألكسندروس بتعاليم آريوس استدعاه وناقش معه تعاليمه وطالبه بالرجوع عنها ، إلا أنه لم يقبل فعقد ألكسندروس مجمعاً محلياً حوالي عام 320م حضره مائة أسقف مصري وليبـي، وقرّر المجمع حرمان آريوس.
2- ما قبل مجمع نيقية: ذهب آريوس إلى قيصرية فلسطين وشرح لأسقفها (يوسابيوس القيصراني) تعاليمه فنصحه بالكتابة إلى يوسابيوس النيقوميدى الذي ساند آريوس كثيراً وقبله كاهناً في إيبارشيته، وطلب من أسقف الإسكندرية رفع الحرمان عنه ولكنه رفض ، وخلال هذه الفترة ألّف آريوس كتاب المثالية الذي شرح فيه تعاليمه. عاد آريوس إلى الإسكندرية بعد فترة مع مجموعة من أتباعه، وبدأ ينشر تعاليمه عن طريق الترانيم والأناشيد، ولأن الإسكندرية ميناء عظيم وصلت تعاليمه إلى الكثير من بلاد الشرق والغرب.
ماذا حدث فى مجمع نيقية ؟ :
علم الإمبراطور قسطنطين بهذه الانقسامات فأرسل الأسقف هوسيوسhosius كوسيط بين آريوس وألكسندروس ولكن مهمته باءت بالفشل ، بعد أن كان قد جمع معلومات كاملة عن الخلاف، فأقنع الإمبراطور بعقد مجمع مسكوني بدأت جلساته في 19يونيو325م وحضره حوالي 318 أسقفاً من الشرق والغرب وكان في المجمع ثلاثة أحزاب هي:
1 - مجموعة آريوس : وعلى رأسه يوسابيوس النيقوميدي.
2 - المجموعة المصرية : وعلى رأسه ألكسندروس وأثناسيوس.
3 - المجموعة المحايدة : وعلى رأسه يوسابيوس القيصراني .
قدم يوسابيوس النيقوميدي قانون إيمان ولكنه رُفِضَ لأنه كان مليئاً بتعاليم آريوس.
ثم قدم يوسابيوس القيصراني بعرض قانون إيمان آخر ولكن المجموعة المصرية اعترضت عليه ، ثم قام بتصحيحه وشدّد هذا القانون على أن يسوع المسيح هو الابن الوحيد المولود من الآب وأنه واحد مع الآب في الجوهر [(هومسيوس) Homsios] وكذلك ركّز على أنه مولود غير مخلوق. انتهى مجمع نيقية بإدانة بدعة آريوس
ياً : المجمع المسكوني الأول
المجمع المسكوني الأول (مجمع نيقية الأول)
تكلمنا في الموضوع عن هذا المجمع عن أريوس و هرطقته لذلك لن أتطرق لها مرة أخرى و لكن هناك أمر واحد يجب علينا معرفته أن أريوس من اذكى لاهوتيي عصره و قد حاول أن يلعب على الكلمة التي استخدمها الأباء لإعلان مساواة الآب بالابن في الجوهر حيث أن الآباء في المجمع استخدموا كلمة "HOMO-OUSIOS"، وتعني مساو في الجوهر أو بتعبير أدق من له ذات الجوهر. أما آريوس فقد أصر على استخدام كلمة "HOMOI-OUSIOS"، والتي تعني مشابه في الجوهر. الفرقفي الكتابة هو حرف واحد ولكن المعنى مختلف بالكلية. هكذا حاول آريوس أن يستخدم الحيلة لتمرير أفكاره كما كان قد استخدمها سابقا بتحويل تعاليمه إلى أناشيد موزونة وملحنة ليتم حفظها وترديدها بسهول
قـــرارات المجمع
أصدر المجمع قانون الإيمان النيقاوي، الذي قُبِل من الكنيسة كقانون يحدد إيمانها القويم بشأن ألوهية المسيح، مستعملاً التعبير "مساوٍ للآب في الجوهر".
حدد المجمع بالإضافة إلى ذلك موعد عيد الفصح في الأحد التالي لعيد الفصح اليهودي. وأعطى لأسقف الأسكندرية سلطة على الكنيسة الشرقية تماثل سلطة أسقف روما البطريركية على كنيسة روما. من هنا نشأت البطريركيات..
القرارت والتصريحات .................................. قانون إيمان نيقية، وهو القسم الأول من قانون الإيمان (النيقاوي-القسطنطيني)
جاء الأساقفة من مختلف أنحاء الشرق وقليل من الغرب:
سوريا، فينيقية، بلاد العرب، فلسطين، مصر، ليبيا، آسيا الصغرى، فريجية، بمفيلية. جميع هذه البلدان أرسلت أساقفتها المميزين. وحضر أيضا هوسيوس من أسبانيا. أما البابا سلفستر، أسقف روما، فقد امتنع عن الحضور بسبب وضعه الصحي وأرسل نيابة عنه فيتوس ومنصور.
قدم الإمبراطور في بداية المجمع خطابا افتتاحيا باللاتينية ثم ترك اللجنة تدير شؤون المجمع ولم يتدخل هو شخصيا في أي لحظة بأي عمل بل اكتفى بالحضور بدون تعليق.
دافع آريوس وجماعته (17 عضوا آخرين أبرزهم أوسابيوس من نيقوديميا) عن تعاليمه ودارت نقاشات طويلة حول هذه المسألة قاد وجهة النظر الأرثوذكسية (القويمة) خلالها الأسقف مارسيلو من أنقرة، والأسقف أوستاذيوس من أنطاكية، والشماس الاسكندري أثناسيوس تلميذ أوسابيوس من قيصرية فلسطين.
في نهاية النقاش تم الاتفاق والتأكيد على تعاليم الكنيسة والرسل الحواريين والتي توضح موقف الكنيسة بشأن السيد المسيح وقاموا بتبني صيغة قانون الإيمان المستخدم في كنيسة قيصرية فلسطين والتأكيد فيه على الحقائق الإيمانية التالية:
أن السيد المسيح مولود من الآب قبل كل الدهور (أزلي) إله من إله، نور من نور ، إله حق من إله حق مولود غير مخلوق، مساوٍ للآب في الجوهر
وقام جميع الأساقفة الحاضرين بالتوقيع على قانون الإيمان هذه فيما عدا اثنين منهم بالإضافة طبعا إلى آريوس وجماع
مجمع نيقية
المجمع المسكونى الأول
مقدمة : النزاع الأريوسى الذى وصم تاريخ المسيحية فى القرن الرابع ، اتخذ
مرحلتين :
المرحلة الأولى : ماقبل مجمع نيقية ، كان طرفا النزاع أريوس ومن انضم إليه من جهة ، والطرف الثانى بطاركة الأسكندرية البابوات : بطرس وأرشيلاوس وألكسندروس
من جهة .
والمرحلة الثانية : تميزت بمحاولة الأباطرة فرض الأريوسية بالقوة ، وكان طرفا لنزاع فيها الأباطرة وأساقفة أريوسيين من جهة ، ومن جهة مقابلة البابا
أثناسيوس الرسولى وأساقفة أرثوذكسيين .
وهناك مرحلة ثالثة وأخيرة وهى تتضمن تحريم الأريوسية ونهايتها .
من هو آريوس ؟ :
آريوس ولد بليبيا ، وحوالى عام 270 م ، وبعد أن تعلم بها بعض الرياضيات والفلسفة والعلوم الدنيوية إلتحق بمدرسة أنطاكية ، فتأثر بآراء معلمه لوقيانوس المتطرفة فيما يتعلق بألوهية السيد المسيح .
وبعد أن أتم دراسته جاء إلى الأسكندرية ، ودرس بمدرستها اللاهوتية أيضا ، وأظهر نبوغا كبيرا مما جعله يسعى لنوال درجات الكهنوت ، .. ورسم شماسا ثم قسا بعد ذلك .
بعد سيامته قسا لاحظ البابا بطرس أنه يتعمد فى عظاته إنكار لاهوت السيد المسيح فلفت نظرهكثيرا ، ولكنه لم يعدل عن آرائه ، عقد البطريرك مجمعا محلى فى الأسكندرية حرمه فيه ومنعه من شركة الكنيسة .
وقد ظهرت هرطقة أريوس فى عصر اضطهاد دقلديانوس ومساعديه ، لم تنل قوة ولا أنتشارا فى أيام الأستشهاد ، لأنشغال الناس عنها بما هم فيه من ألوان العذاب البشعة . وعندما قبض على البابا بطرس حاول أريوس الحصول على الحل منه ، فرفض بل أوصى تلميذيه أرشيلاوس وألكسندروس * اللذين
صارا بطريركين من بعده ، على التوالى * بعدم قبول أريوس لعلمه بشر هذا المبتدع .
بعد استشهاد البابا بطرس أرجع خليفته البابا أرشيلاوس ، أريوس إلى عضوية الكنيسة بناء على طلبه ، وزاد بأن عهد إليه برعاية كنيسة بوكاليس أقدم كنيسة فى الأسكندرية والتى فيها جسد القديس مرقس ، ولما توفى البابا أرشيلاوس رشح أريوس نفسه لمركز البطريركية ، ولكن الإكليروس والشعب اتفقوا معا على انتخاب ألكسندروس .
فألتهبت فى قلبه نار البغضاء ، ورجع إلى قيئة القديم فنشر فكره ، ولما كان قديرا فى الخطابة فاستطاع أن يجذب حوله جماعة من أهل الأسكندرية من الذين وجدوا فى أسلوبه تجديدا وابتكارا ، فقد بسط الأمور محاولا إقناعهم بأنه يحافظ على عقيدة التوحيد بجعله من السيد المسيح كائن مخلوق .
بدعـــــة آريـــوس تنقسم إلى :
1 - قوله أن الكلمة قد ولد ، والله الآب سابق ( فى وجوده ) على الأبن ( الكلمة ) .... أى أنه كان هناك زمن لم يكن الله فيه أبا ..... ، وإلا كان هناك أثنان " غير مولودين " بدون أصل ، مما هو مخالف لوحدانية الله ، إذن كان هناك زمن لم يكن فيه الكلمة موجودا ، ......... هذا أول الضلالين .
2 - حسب اعتقاده بأن الأبن " مخلوق " ، وفى هذه الحالة فالكلمة ليس اللـــه .. !! ولا مساويا للآب ، ولا هو من جوهر الآب نفسه ، ولا وجود له إلا بإرادة الآب ، نظير كل خليقة أخرى ، ولا هو يدعى أبن الله إلا مجازا أو مبالغة فى الكلام ، ولن تكون هناك ولادة إلا عن سبيل التبنى اللائق بقداسة الكلمة ....
وعندما فشل أريوس فى إثارة الشعب ضد البابا ألكسندروس هجر الأسكندرية ولجأ إلى آسيا الصغرى ليكون قريبا من نصيره أوسابيوس النيقوميدى المؤرخ الكنسى الشهير .
\
انعقاد مجمع نيقية :
انعقد هذا المجمع المقدس عام 325 م بآسيا الصغرى بمدينة نيقية ، بدعوة من الأمبراطور قسطنطين الكبير ، بسبب ظهور بدعة آريوس ، وقد حضر هذا المجمع المقدس ( ثلاثمائة وثمانية عشر ) أسقفا .
شخصيات عظيمة فى المجمع :
حضر المجمع شخصيات فى مصاف القديسين مثل البابا ألكسندروس بابا الأسكندرية ، وتلميذه الشماس أثناسيوس ... وكان عمره وقتئذ بين العشرين والخمسة وعشرين عاما .
وحضر أيضا القديس مكاريوس أسقف أورشليم ، وأوستاثيوس أسقف أنطاكية ، وليونتيوس أسقف قيصرية الكبادوك ، وهيباثيوس أسقف غنغرة ، وأرشيلاوس أسقف لاريسا . ويؤكد جميع المؤرخون أن الأساقفة قد منحوا آريوس وأتباعه مطلق الحرية للتعبير عن آرائهم .
ولقد وقع الأختيار على هوسيوس أسقف قرطبة ليرأس هذا المجمع ، بحكم كبر سنه ، برغم أنه كان أسقفا لمدينة متواضعة ، فجلس عن يمين الأمبراطور .
وبعد مداولات مستفيضة ثبت لآباء المجمع ما يتردى فيه هؤلاء المبتدعون من ضلال ، فقرروا أن يضعوا دستورا للإيمان وأن يضمنوه العقائد المهمــة بكل وضوح وجلاء ، ... وبخاصة عقيدة مساواة الأبن للآب فى الجوهر .
وهذا الدستور هو التراث الذى وضعه الشرق للمسكونة بأسرها ، ذلك لأن الآباء الغربيين الذين كانوا أعضاء فى هذا المجمع المؤلف من 318 أسقفا لم يتجاوز عددهم الستة أساقفة .
والدستور الذى تم وضعه فى هذا المجمع العظيم هذا نصه :
" بالحقيقة نؤمن بإله واحد ، الله الآب ضابط الكل ، خالق السماء والأرض ، ما يرى وما لا يرى .. نؤمن برب واحد يسوع المسيح ، ابن الله الوحيد ، المولود من الآب قبل كل الدهور ، نور من نور ، إله حق من إله حق ، مولود غير مخلوق ، مساو للآب فى الجوهر ، الذى به كان كل شىء ، هذا الذى من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد من الروح القدس ، ومن مريم العذراء ، تأنس وصلب عنا على عهد بيلاطس البنطى ، تألم وقبر وقام من الأموات فى اليوم الثالث كما فى الكتب ، وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه ، وأيضا يأتى فى مجده ليدين الأحياء والأموات ، وليس لملكه انقضاء ................... "
وقرر الآباء : " أن جميع الذين يقولون عن الأبن أنه جاء عليه حين من الدهر لم يكن فيه موجودا ، أو أنه لم يكن له أثر فى الوجود قبل أن يولد ، أو أنه ولد من العدم ، أو أنه من غير جوهر الآب ، أو أنه مخلوق ومعرض للتحول والتبدل ، فالكنيسة الجامعة الرسولية المقدسة تعلن وقوعهم تحت طائلة الحرم .... " .
نتائج مجمع نيقية :
يعتبر مجمع نيقية حدثا تاريخيا هاما فى تاريخ العقيدة المسيحية ، لأن فيه تقرر مسكونيا أن الأبن مساو للآب فى الجوهر ، وبالنسبة لكنيسة الشرق بوجه عام
وكنيسة الأسكندرية بوجه خاص فقد استطاعت كنيسة الأسكندرية من خلال هذا المجمع أن تحتفظ بمكانتها فى الكنيسة الجامعة ، واستطاع بطريرك الأسكندرية البابا ألكسندروس وشماسه أثناسيوس ، إعلان العقيدة السليمة والتمسك بها والدفاع عنها ، وبذا أظهر أولوية الشرق على الغرب .
مجمع نيقية حسم بعض الخلافات ووحد الكنيسة ، وفوض لبابا الأسكندرية تحديد موعد عيد القيامة ، ووضع قانون الأيمان النيقاوى الذى أضحى فيما بعد قاعدة الأيمان الأرثوذكسى لكل كنيسة ، .... وإن كانت قرارت مجمع نيقية لم تقض على الأريوسية تماما ، لأن آريوس لم يطع ، .. وقسطنطين نفسه تذبذب وخلفاؤه المباشرون كانوا أريوسيين ، إلا أن مجمع نيقية قد وضع حجر الأساس للإيمان القويم ، الذى يقوم عليه الأيمان الأرثوذكسى كما كان منذ البدء .... ، وعندما يخرج شخص أو صاحب بدعة فى أى عصر من العصور عن هذه القاعدة يتم وضع تفسيراته واجتهاداته أمام دستور مجمع نيقية ليتضح صحة هذا القول لأى شخص مبتدع أو منحرف عن المسار السليم للأيمان .
كما أصدر مجمع نيقية عشرين قانونا مهما .
البابا أثناسيوس والقديس أنبا أنطونيوس وجهادهما ضد آريوس :
بعد نياحة البابا ألكسندروس وارتقاء الأنبا أثناسيوس الكرسى المرقسى ، وبينما كان منشغلا بزيارة شعبه بالقطر المصرى ، علم أن أريوس عاد إلى الشغب فى الأسكندرية ، فبعث إلى معلمه الأنبا أنطونيوس برسالة طلب إليه فيها أن يغادر عزلته ويقصد مع رهبانه إلى الأسكندرية ليقف فى وجه آريوس وأعوانه ، فلم يسع الشيخ القديس إلا أن يلبى نداء باباه الذى هو تلميذه أيضا وبادر إلى مقر الرياسة المرقسية فى جماعة من أبنائه الرهبان وأخذوا يقاومون البدعة ومبتدعيها ، ولم يحرؤ أحد من خصومهم على الوقوف فى وجوههم .
نهــــاية آريوس :
استمر آريوس فى حربه ضد الكنيسة ، مستغلا دهائه فى تأليب الأمبراطور مرة ، أو طوائف الشعب مرة أخرى ضد البابا أثناسيوس، حتى تسبب فى صدور أمر من الأمبراطور بنفى البابا أثناسيوس إلى خارج البلاد .
وفى إحدى المرات بينما كان آريوس يجوب شوارع القسطنطينية شعر بمغص شديد دفعه إلى دخول إحدى المراحيض العامة حيث اندلقت أحشائه وانطرح على الأرض صريعا ، وما أن ذاع هذا الخبر حتى تنفس الناس الصعداء ، وداوموا على الصلاة والصوم حتى عاد أبيهم المحبوب الأنبا أثناسيوس إلى كرسيه ، بركة صلواته تكون معنا آمين .
مجمع القسطنطينية
المجمع المسكونى الثانى
إنه المجمع المسكونى الثانى الذى انعقد فى القسطنطينية عام 381 م ، بأمر الأمبراطور ثيئودسيوس الكبير للفصل فى بدعة مؤداها انكار لاهوت الروح القدس ، وصاحب البدعة هو مقدونيوس الذى قال بأن الروح القدس هو مخلوق كسائر المخلوقات ، ولكن ذو رتبة أسمى وليس أقنوما .
وكذلك بدعة ابوليناريوس ، الذى كان يعتقد بوجود تفاوت فى الأقانيم فالروح عظيم ، والأبن أعظم ، والأب هو الأعظم . وكذلك بدعة سابيلوس ، الذى اعتقد أن الثالوث القدوس ذاتا واحدا وليس ثلاثة أقانيم .
وقد اجتمع المجمع وحاول الأساقفة اقناع المبتدعين فلم يقتنعوا ... فحرمهم المجمع وجردهم من رتبهم ثم قرر المجمع 7 قوانين خاصة بنظام الكنيسة ، وأهم هذه
القرارات هو اضافة جزء هام إلى قانون الأيمان يرد على بدعة هؤلاء هو :
( نعم نؤمن بالروح القدس الرب المحيى المنبثق من الاب ، نسجدله ونمجده مع الآب والأبن الناطق فى الأنبياء ، وبكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا ، وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى آمين ) .
كان ذلك المجمع فى عهد الأنبا تيموثيئوس ( البابا الـثانى والعشرين ) من باباوات الأسكندرية ، وهو أحد تلامذة الأنبا أثناسيوس بطل الأيمان الأرثوذكسى ،
والمدافع الأول عن الأيمان القويم فى مجمع نيقية ضد آريوس وأتباعه ، ( وكان وقتها شماسا وتلميذا للبابا الكسندروس السكندرى )
لذا يجدر بنا ، قبل الحديث عن مجمع القسطنطينية ، أن نعود قليلا للوراء لنلقى نظرة سريعة على ظروف العالم الدينية والسياسية فى السنوات السابقة لعقد مجمع القسطنطينية ، وكذلك ظروف الكنيسة ، والأحداث التى مرت بها ، منذ مجمع نيقية العظيم ، وتأثير بدعة آريوس على الشعب المسيحى فى الشرق والغرب ، ودور أقباط مصر ونضالهم الروحى لحفظ الأيمان الأرثوذكسى القويم .
مدينة القسطنطينية :
اختار الأمبراطور مدينة القسطنطينية لتكون مقرا للمجمع المسكونى الثانى ، وهى المدينة التى بناها الأمبراطور قسطنطين فى المكان الذى كانت فيه بيزنطة على شاطىء البوسفور ، وأنشأ فيها أول حكومة مسيحية ، فى 11 مايو سنة 330 م ، ولما تنصب الأمبراطور اركاديوس ثبتها كعاصمة للأمبراطورية الرومانية الشرقية عام 395 م ، ويبدو أن موقعها الجغرافى الممتاز ومكانتها الأقتصادية والحربية قد وجهت إليها أنظار الطامعين والفاتحين ، فعانت لذلك حروبا كثيرة كادت تحيلها الى ميدان للقتال .
حاصرها العرب عام 685 م ، ولكن القيصر قسطنطين الرابع قد انتصر عليهم وردهم فاشلين فعادوا لمحاصرتها مرة ثانية سنة 741 م فى عهد لاون الثالث غير أنهم لم يفلحوا أيضا .
وعندما بدأت الحرب الصليبية ، ودعا بابا روما بعض الممالك التابعة له كى تشترك فيها – جاءت الجيوش عن طريق القسطنطينية ، ويقال أنها عبثت بمحاسن المدينة ونقلت إلى روما أكثر تحفها الثمينة ، ويذكر البعض أن سبب ما أحدثته هذه الجيوش بالقسطنطينية هو وجود نزاع فى تلك الأيام بين كنيستى الروم واللاتين لأختلافهما على بعض المسائل العقائدية .
وفى سنة 1453 م دخل السلطان محمد الثانى الفاتح مدينة القسطنطينية بجيوشه التركية ، وبعد أن استتبت له الأحوال ، حول كنيستها الكبرى ( كاتدرائية سانت صوفيا ) التى كانت من أكبر الكنائس فى ذلك الوقت وطرازا معماريا فريدا يدرس فى الكليات المعمارية إلى اليوم - إلى جامع اسلامى .... !! . وجعل المدينة عاصمة
ملكه ومقر حكومته .
ولازالت المدينة باقية الى اليوم بأسم الآستانة أو أستانبول ، ومنها انطلق الحكم العثمانى ليشمل معظم الدول العربية فى التاريخ الحديث .
استمرار الصراع الآريوسى
وجهاد البابا أثناسيوس الرسولى :
لم تمضى ثلاث سنين على إقرار عقيدة نيقية حتى تغير مسلك قسطنطين الكبير تغيرا تاما ، حيث أن حسابات الأباطرة تدخل فيها المصالح السياسية ، فأراد التوفيق بين المسيحية من جهة والوثنية من جهة أخرى ليحافظ على وحدة الأمبراطورية ، فنجده قد مال إلى الآريوسية كحل وسط ، فقام باستدعاء آريوس من منفاه سنة 327 م ، وكان ذلك بداية لمرحلة خطيرة وهامة فى الصراع الآريوسى ، كما أنه فتح الطريق لكل من تسول له نفسه بابتداع هرطقة جديدة أو فكر منحرف دون مسآءلة أو حزم .
وفى مجال الصراع الآريوسى تعددت وتباينت الأطراف فى دورها :
لقد مال معظم أبناء قسطنطين الذين خلفوه فى الحكم إلى التعاطف مع المذهب الآريوسى ، حتى أصبح الموقف حرجا بالنسبة للكنيسة الأرثوذكسية .
لقد تعرضت الكنيسة الأرثوذكسية ، حسبما شرح القديس أثناسيوس فى رسالة عامة عام 329 م ، لأضطهاد مرير على أيدى الآريوسيين ، تحدث عن حرقهم لدور العبادة وسبى الأريوسيين للعذارى ، وانضم اليهود إليهم فى اضطهاد الأرثوذكس .
لقد تعرض للأضطهاد كل من البابا الكسندروس ثم القديس أثناسيوس الذى تحمل أكثر من 46 سنة من الأضطهادات المريرة والنفى أكثر من مرة للخارج .
كما يحكى لنا التاريخ أن أشد الناس تمسكا وغيرة على إيمان نيقية كانوا هم متوحدى ورهبان مصر ، كانوا مثالا للشعب فى التمسك بالأيمان وتحمل الأضطهادات .
هكذا لم يكن النصر الذى أحرزه المدافعون عن الأيمان فى مجمع نيقية نصرا نهائيا على الآريوسية ، بل ظلت الكنيسة تجاهد ضدها بعد مجمع نيقية بأكثر من نصف قرن من الزمان ، ووقف القديس أثناسيوس الرسولى مدافعا عن الأيمان برغم ما واجهه من صعاب واضطهاد ، لهذا فجميع الكنائس فى الشرق والغرب تعد الأنبا أثناسيوس الرسولى ليس من أكبر معلميها فقط بل وأيضا حامى الأيمان الرسولى ، وقد أنصف من دعاه من المؤرخين بمؤسس المسيحية الثانى ونحن عندما نركز على تلك الفترة من التاريخ ، فليس لغرض الأطالة فى الحديث، ذلك لأن المجامع المسكونية الثلاث تعاقبت فى فترة زمنية متقاربة ، حتى ليخيل لدارسى التاريخ أنها كانت تعالج موضوعا واحدا ، ونحن بصدد الحديث عن مجمع القسطنطينية لابد من الربط بين فترة النضال الروحى للبابا أثناثيوس الرسولى ، الذى وضع للكنيسة منهجا فريدا فى الدفاع عن عقيدتها القويمة ، احتذى به من جاء بعده من البابوات ، ولهذا فنحن نتذكر دائما كيف حافظ الشعب القبطى وقياداته الدينية على الأيمان القويم بالجهاد والتضحية وبذل الأرواح وسفك الدماء ، فالأريوسية برغم هزيمتها واندحارها فى الماضى إلا أنها مازالت تطل على الكنيسة من جديد منذ أواخر القرن العشرين وحتى اليوم من خلال مايسمى " بجماعة شهود يهوه " ، أو الطوائف الدخيلة علينا ، وكأن ابليس لا يريد أن يعترف بهزيمته وأندحاره ، ويريد محاربة الكنيسة بشكل آخر ، فى العصر الحديث .
أما عن القديس أثناسيوس فمن الحديث عن شخصيته نستطيع أن نقدر على أى مستوى روحى يكونون تلاميذه أمثال البابا تيموثيئوس ، الذى سوف نشير إليه فى معرض الحديث عن
مجمع القسطنطينية .
وبرغم حروب الآريوسية ضد قرارات مجمع نيقية ، فإن قرارت الآباء الثلاثمائة والثمانية عشر ظلت كالصخرة التى تحطمت عليها كل الهرطقات الآريوسية والهرطقات التى تلتها .
إن القديس أثناسيوس قد فعل كل شىء بكل قوة ليعد لإنحلال الأريوسية الأخير فى مجمع القسطنطينية سنة 381 م ، حيث اكتمل قانون الأيمان النيقاوى الذى بقى لكل التاريخ .
ثالثا : وفاة قسطنطين وانقسام الأمبراطورية :
بعد وفاة قسطنطين الكبير انقسمت الأمبراطورية إلى ثلاثة أقسام يحكمها أبنائه الثلاثة : فالغرب كان من نصيب قسطنطين الصغير ، وايطاليا والليريا وافريقيا
كانت من نصيب قسطانس ، ومصر والشرق كانت من نصيب قسطنطيوس ، وقد عاد البابا أثناسيوس من منفاه فى مدينة تريف التى نفى إليها فى آخر أيام حكم الأمبراطور قسطنطين الكبير ، وكان ذلك النفى الأول له ولكن كانت هناك فترة جديدة من الصراع تنتظره بعد أن اغتال قسطنطيوس الأريوسى أخاه قسطنطين – صديق البابا أثناسيوس - الأرثوذكسى امبراطور الغرب ، وعندها صارت الأمبراطورية إلى قسمين .
تسلسل الأباطرة وجهاد البابا أثناسيوس ضدهم وضد الأساقفة الآريوسيين
شخصية قسطنطينوس :
ان أشد ما قاساه الأنبا أثناسيوس ، بل والأرثوذكسية كان فى عهد ذلك الأمبراطور – لقد انتشرت الأريوسية فى عهده انتشارا حثيثا فى معظم ارجاء الأمبراطورية .
كان قسطنطينوس آريوسيا ، بينما كان قسطنطين الصغير وأخاه قسطانس ارثوذكسيين .
وبرجوع البابا أثناسيوس من المنفى الأول فى 23/11/337 م اضطرب الأريوسيين وأخذوا يعملون فى همة لأقصائه .
تم تعيين الوالى فبلاجريوس واليا على الأسكندرية من قبل الأمبراطور قسطنطينوس خصيصا لمحاربة الأنبا أثناسيوس ، وفى أثناء هذه الفترة حضر الأنبا أنطونيوس إلى الأسكندرية عام 338 م لمساندة البابا أثناسيوس فى جهاده ضد الآريوسيين ، وهذا يعطينا فكرة أن الآباء الرهبان برغم اعتزالهم العالم ، إلا أنهم مشاركون للكنيسة فى جهادها الروحى وغير منفصلين عن بقية المؤمنين .
تم عقد مجمع للآريوسيين فى أنطاكية عام 339 م – حكموا فيه بتجريد الأنبا أثناسيوس من رتبته ، وتم نفيه إلى روما – وكان هذا هو النفى الثانى له ، الذى
بدأ من 7/4/339 م وحتى 21/10/346 م . ولعل الأنبا أثناسيوس أختار روما لتعاطف قسطانس امبراطور الغرب معه ، وكذلك الأسقف يوليوس ( أسقف روما ) . بعد مقتل قسطانس عام 350م ، فى صراعه مع خصمه ماجنتيوس ، بدأت فترة اضطهاد ثانية للأنبا أثناسيوس حيث دس له الآريوسيين مكيدة بأنه كان على اتصال بالثائر ماجنتيوس ، حيث تم نفيه بيد الأمبراطور قسطنطينوس ، فذهب إلى الصحراء وتنقل بين الأديرة ، وكان هذا النفى الثالث له عام 355 م لمدة ست سنوات .
بحلول عام 359 م عمت الآريوسية الأمبراطورية الرومانية شرقا وغربا .
بوفاة قسطنطينوس تولى جوليان الحكم ، وكان يبغض المسيحية ، ولكنه أفرج عن جميع المنفيين ، وهكذا عاد الأنبا أثناسيوس للأسكندرية فى 22/2/362 م .
عمل البابا أثناسيوس على زيادة تأكيد الأرثوذكسية ، فعقد مجمعا سنة 362 م قرر فيه ما يجب اتباعه مع الآريوسيين التائبين ومعاملتهم بالشفقة ، وتمكن بذلك أن يكسب عددا عديدا من الآريوسيين إلى صفوف الكنيسة .
استاء الأمبراطور جوليان من نشاط البابا أثناسيوس وأمر بنفيه بحجة أن الأعفاء عن المنفيين هو لرجوعهم لبلادهم فقط وليس لكراسيهم .
وكان هذا هو النفى الرابع للأنبا أثناسيوس ، حيث قضى فترة النفى هذه فى صعيد مصر ، وبين الأديرة بمنطقة طيبة ، ووسط الاباء الرهبان .
لم يكن بوسع الوالى أن يقتل البابا أثناسيوس إذ التف الشعب المصرى كله حول البابا ، لا كزعيم روحى فحسب ، بل باعتباره رمزا حيا بطوليا للتحديات المصرية ضد حكومة بيزنطة المستبدة ومليكها العاصى .
إن المؤرخين الذين يسقطون – عن عمد – تاريخ العهد القبطى منذ دخول المسيحية إلى مصر على يد القديس مارمرقس البشير ، ولعدة قرون بعد ذلك ، إنما يرتكبون جرما كبيرا فى حق التاريخ المصرى ككل ، لقد كانت تلك الفترة مليئة بالنضال الروحى والوطنى فى آن واحد ، ولولا صلابة الأقباط واعتزازهم بهويتهم وعقيدتهم ، لضاع من ايدينا ما نفخر به الآن كمصريين بصفة عامة من اعتزازنا بأصالتنا الفرعونية الممتدة للآف السنين للخلف ، وما كانت مصر تتبوأ مكانتها الآن فى مقدمة دول الشرق الأوسط .
بعد مقتل جوليان فى 26/6/363 م فى معركة مع الفرس ، تولى عرش الأمبراطورية جوفيان الذى قرر الغاء الأمر الصادر من سلفه ضد البابا أثناسيوس الرسولى .
وعاد الأنبا أثناسيوس – ولكن لسوء الحظ – لم تطل أيام جوفبان فى الحكم اكثر من 7 أشهر ، ففقد البابا صديقا مسيحيا مخلصا وقد خلفه فى الحكم أخوان : فالنتيان فى الغرب ، وفالنس فى الشرق ، فكان على البابا أن ينتظر نفيا آخر كان قصير الأمد .
أصدر فالنس عام 365 م أمرا بنفى كل الأساقفة الذين سبق أن نفاهم قسطنطينوس وأعادهم جوليان . فغادر البابا أثناسيوس الأسكندرية وأختبأ فى بيت ريفى عند فرع النيل الغربى حوالى 5 أشهر من 10/365 م وحتى 2/366 م .
وأمام ثورة الأقباط عاد البابا من منفاه بكل تكريم إلى الأسكندرية ، إلا أن فالنس لم يكن قد غير اتجاهه وميوله الأريوسية .
نياحة البابا أثناسيوس :
عاد البابا أثناسيوس من نفيه الخامس والأخير فى فبراير عام 366 م . ليمضى بعد ذلك سبع سنين يجنى ثمار غرسه طوال ما ولى من السنين . وقد حرص الأمبراطور فالنس على أن لا يعكر صفو سلامه على أمتداد ما بقى للبابا أثناسيوس من عمر .
وبرغم تقدم البابا أثناسيوس فى الأيام ، إلا أنه لم يفتر عن مقاومة الآريوسية فى كل مكان ، وفى الثانى من مايو سنة 373 م . ودع البابا أثناسيوس الأسكندرى شعب الأسكندرية ودنياه ، بعد أن احتفظ بكنيسة الأسكندرية ومصر جزيرة للنيقية وسط بحر الآريوسية فى الشرق الرومانى . إذ ظل ستا وأربعين سنة على كرسى الأسقفية يصارع الآريوسيين أساقفة وأباطرة ، ينالون منه ويطاولهم ، حتى أعيتهم فى أمره الحيل ، وبلغ بهم وبه الصراع مبلغ الجهد ، فتركوه وشأنه .
ولم توات الأمبراطور الفرصة للأنتقام ، إلا بعد وفاة الأنبا أثناسيوس ، فأرسل رسله يؤيدهم جنده ، لتحطيم قوة الرهبان بمهاجمة أديرتهم خاصة فى وادى النطرون ، لرفع لوقيوس الأريوسى طريد الأسكندرية أسقفا على الأسكندرية ، مما دفع البابا بطرس خليفة البابا أثناسيوس إلى الفرار بنفسه إلى الغرب محتذيا سبيل سلفه وأستاذه عام ( 373 م – 380 م ) ولكنه عاد إلى الأسكندرية بعد مصرع الأمبراطور فالنس ، وتم طرد لوقيوس الآريوسى .
وبمصرع الأمبراطور فالنس ، تولى عرش الأمبراطورية ثيؤدسيوس الكبير ، وبدأت فترة جديدة على الكنيسة المصرية .
لا يفوتنا قبل الأنتهاء من الحديث عن تلك الفترة المليئة بالأحداث الخطيرة فى تاريخ الكنيسة ، أن نتذكر قول السيد المسيح : " .......... على هذه الصخرة أبنى
كنيستى ، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها " .
إنه وعد من الله بحماية كنيسته وشعبه إلى المنتهى ، نلاحظ أن الأباطرة والحكام الذين مدوا أيديهم للأساءة للكنيسة منذ فجر المسيحية وحتى تاريخنا الحديث قد أنتهت حياتهم بالقتل ، وظلت الكنيسة باقية وصامدة كما هى .
عندما تولى الأمبراطور ثيؤدسيوس الكبير عرش الأمبراطورية ، ارتاع مما أصاب كنيسة القسطنطينية على أيدى الاريوسيين ، فطلب من البابا بطرس الثانى أن يعاونه على إعادة الكنيسة إلى سالف مجدها ، فبادر البابا السكندرى بتكليف القديس غريغوريوس الثيئولوغس ( الناطق بالإلهيات ) أسقف سازيما بآسيا الصغرى بالذهاب إلى القسطنطينية لتعليم شعبها وتثبيته على الأيمان القويم .
ثم رأى البابا السكندرى أن يعزز غريغوريوس فى جهاده فأرسل إليه نخبة من كهنته برياسة تيموثاوس ، الذين أدوا دورهم الروحى على أكمل وجه وعادوا إلى الأسكندرية مرتاحى الضمير ، وعاود تيموثاؤس التعليم فى مدرسة الأسكندرية الساطعة .
نياحة الأنبا بطرس الثانى :
اقتربت أيام الأنبا بطرس الثانى من النهاية ، وأنتقل إلى اورشليم السمائية ، وارتحل إلى الموضع الذى هرب منه الحزن والكآبة والتنهد بعد أن ساس كنيسة مصر خمس سنوات ، وتسعة أشهر .
ولما كان الشعب القبطى يعرف عن جهاد تيموثاؤس الروحى والفكرى ، ولما كان يجد فيه قبسا من نور معلمه الكبير الأنبا أثناسيوس ، فقد انتخبه ليكون راعيه الأول سنة 76 ش ، فأصبح بذلك الخليفة الثانى والعشرون للقديس مارمرقس الرسول .
وفى تلك الفترة رأى بعض الأساقفة الغربيين اعتبار قوانين المجمع السرديكى متساوية مع مجمع نيقية
*** ( مجمع سرديكا – التى تقع على الحدود بين الأمبراطوريتين الشرقية والغربية
- عقد عام 343 م باتفاق بين قسطانس وأخيه قسطنطيوس ، بهدف ارجاع السلام والوحدة إلى الكنيسة والأمبراطورية ، إبان الصراع بين الأنبا أثناسيوس
والآريوسيين ، وقد أكد المجمع من جديد التمسك بقانون إيمان نيقية ، وارجاع الأنبا أثناسيوس إلى كرسيه ) .
........ غير أن الأساقفة الشرقيين عارضوهم أشد المعارضة ، معلنين أن مجمع نيقية لكونه مسكونيا له الأولوية على مجمع سرديكا لكونه مكانيا ، وبعد تبادل الأساقفة الخطابات ، ومجهود الأنبا تيموثاوس ، اتفق الأساقفة ( شرقا وغربا ) ، على أن قوانين المجمع المكانى تأتى فى المرتبة الثانية بعد قوانين المجمع
المسكونى – ومن ثم كان لمجمع نيقية الأولية على مجمع سرديكا .
*****
استمرار الدور القبطى المــؤثر :
مجمع القسطنطينيـــــــة سنة 381 م
وانهيـــــــار الآريوسيـــــــــــة .
ما كاد الأساقفة ينتهون من الفصل فى شأن مكانة قوانين نيقية وسرديكا حتى ظهرت بدعة جديدة فى القسطنطينية مؤداها إنكار لاهوت الروح القدس . فعاد الأساقفة إلى تبادل الرسائل بوصفهم حماة الأيمان . وأحس الأمبراطور ثيؤدسيوس الكبير بأنه مسئول عن تدعيم السلام فى الكنيسة ، ورأى أن الحالة تستدعى عقد مجمع مسكونى ثانى للفصل فى هذه البدعة الجديدة . فبعث برسائل الدعوة إلى أساقفة المسكونة لهذا الغرض ، ومن ثم اجتمع فى القسطنطينية مئة وخمسون أسقفا من أساقفة الكنائس
الشرقية تلبية لهذه الدعوة .
وقد انعقد هذا المجمع للنظر فى هرطقة كل من :
مقدونيوس ، وهو آريوسى صار أسقفا على القسطنطينية عام 343 م ، وأنكر أيضا لاهوت الروح القدس .
وأبوليناريوس ، ( 310 – 381 م ) أسقف اللاذقية الذى قاوم الأريوسيين بشدة ، فأنكر وجود النفس البشرية فى السيد المسيح مدعيا أن اللاهوت قام مقام النفس الناطقة ، وأن اللاهوت امتزج بالناسوت ، واعتقد بوجود تفاوت بين الأقانيم ، فالروح عظيم ، والأبن أعظم منه ، والآب أعظم من كليهما .
ويوسابيوس ، الذى جدد تعاليم سابيلوس : الذى أعتقد أن الثالوث القدوس ذاتا واحدا وليس ثلاثة أقانيم .
كان من أشهر المجتمعين الأنبا تيموثاوس بابا الأسكندرية ، وملاتيوس أسقف أنطاكية ، الذى كان قد حضر إلى القسطنطينية قبل موعد انعقاده لرسامة غريغوريوس الثيؤلوغس أسقفا على هذه العاصمة الشرقية ، وكيرلس أسقف أورشليم ، وغريغوريوس الثيؤلوغوس وغيرهم . وكان مجمعا شرقيا إذ لم يحضره أحد من أساقفة الغرب رغم توجيه الدعوة إليهم ، ورغم إمتناع كل الأساقفة الغربيين عن حضوره ، إلا أنهم أقروا مسكونيته وعملوا بقراراته .
جدير بالذكر أن كنيسة رومية الرسولية التى تخلفت عن حضور هذا المجمع ، وعقدت مجمعا مكانيا مؤلفا من مئتين وخمسين أسقفا برياسة أسقفها داماسوس – وأمبرسيوس أسقف ميلانو – هذه الكنائس قد أعترفت جهارا بمسكونية المجمع القسطنطينى ، لأن كلا من أساقفته المئة والخمسين يمثل كنيسة رسولية على النقيض من مجمع داماسوس وامبرسيوس الذى لم يكن بين أساقفته المئتين والخمسين أسقف يمثل كنيسة رسولية غير داماسوس أسقف رومية .
وقد انعقد المجمع المسكونى الثانى فى القسطنطينية فى مايو سنة 381 م غ .
وحضر الأمبراطور جلسة الأفتتاح معلنا للأساقفة إجلاله لهم وتقديره إياهم ، ثم طلب إليهم أن يفحصوا الموضوع الذى أجتمعوا بسببه – وهو النظر فى بدعة مقدونيوس
– بروح التفاهم وسعة الصدر ، وأن يفكروا فى سلام الكنيسة وأهمية الأيمان الذى أئتمنوا عليه .
وقد بعث أساقفة المجمع القسطنطينى برسالة إلى داماسوس أسقف رومية والأساقفة المجتمعين معه قالوا لهم فيها : " إلى أخوتنا الموقرين وشركائنا فى الخدمة الرسولية داماسوس وأمبرسيوس وجميع الأساقفة المكرمين المجتمعين فى مدينة رومية العظيمة ، ومن المجمع المقدس المؤلف من الأساقفة الأرثوذكسيين الملتئم فى القسطنطينية بدعوة من الأمبراطور ثيئودسيوس محب المسيح .
,, كان يسرنا لو أنكم لبيتم دعوة الأمبراطور وجئتم لتجتمعوا معنا وتشاركونا النظر فى البدعة التى أبتدعها مقدونيوس أسقف القسطنطينية ومؤداها إنكار لاهوت الروح القدس ، أما وأنكم لم تحضروا معنا فإننا سنناقش هذا المبتدع ونوازن
الحقائق لنعرف عقيدته بالضبط ثم نصدر قرارن فى هذا الموضوع الخطير .......... "
.
كان أول عمل قام به هذا المجمع المقدس هو الغاء رسامة مكسيموس الكلبى ، وتنصيب غريغوريوس الثيؤلوغس أسقف سازيما أسقفا على القسطنطينية .
***
( كان مكسيموس الكلبى قد طمع فى كرسى القسطنطينية ، واستغل دهائه فى التقرب من غريغوريوس الثيؤلوغوس الذى كان آنذاك بالقسطنطينية لمحاربة البدعة الآريوسية ، ثم تقرب من الأنبا بطرس الثانى بابا الأسكندرية فى ذلك الوقت ، الذى أرسل معه عددا من الأساقفته وتمت رسامته أسقفا على القسطنطينية ، إلا أن الشعب ثار عليه مطالبين برسامة غريغوريوس أسقفا على المدينة .
وقد تألم الأنبا بطرس الثانى لما حدث بالقسطنطينية وحاول جهده أن يزيل ما نشأ عنه من شكوك وعثرات ، إلا أنه رحل عن العالم الفانى قبل أن يسوى هذا الأمر ) .
وقد استند الآباء فى تنصيب غريغوريوس أسقفا على العاصمة الشرقية إلى القانون الـ 14 من قوانين الرسل ونصه : " لا يجوز للأسقف أن يغادر جهة إقامته إلى جهة أخرى ، ولو أضطره الكثيرون إلى ذلك ، أما إذا كان انتقاله هذا لعلة صوابية –
كان يكون فيه فائدة أعظم لمن يقومون بتلك الجهة لما هو عليه من جدارة فى تعليم حسن العبادة – فلا يكون انتقاله من تلقاء نفسه ، بل بترشيح عدة أساقفة وبتوسل .
وقد سن الرسل هذا القانون إستنادا إلى أن الأسقفية كرامة فى ذاتها موهوبة من الله جل أسمه ولا ترتكن كرامتها على الأهمية المدنية التى للكرسى الأسقفى –
فأسقف أصغر ايبارشية متساو فى الكرامة مع أسقف العاصمة . لذلك لا يليق بأسقف ما أن يتطلع نحو أيبارشية أخيه طمعا فى جاه أو مكانة عالمية إذ أنه تجند للسيد المسيح وأخذ منه الكرامة التى لا تعلوها كرامة .
وكان الثيئولوغس قد أقيم أسقفا على سازيما ولكنه لم يتسلم مقاليد هذا الكرسى بالفعل لأن أحد الآريوسيين كان قد اغتصبه منه .
وفى تلك الأثناء وصل الأنبا تيموثاوس إلى القسطنطينية فعارض هو وبعض أخوته الأساقفة فى إقامة الثيئولوغوس على الكرسى القسطنطينى فى حين أنه يشغل كرسى سازيما . ( لأن ذلك يعد مخالفا لقوانين الآباء ) . ولم يجدوا فى القانون الرسولى الـ 14 ما يبرر هذا الأنتقال .
ولما كان الثيئولوغوس من الزاهدين فى المناصب الرفيعة ، ولما كان احترامه للكرسى الأسكندرى قد جعله يعد الجالس عليه أسقفا للكنيسة الجامعة لا لكنيسة الأسكندرية فحسب ، فقد بادر إلى أعلان انسحابه من كرسى القسطنطينية ، واعتزازه بكرسى سازيما . وعمل على التوفيق بين المناصرين له والمعارضين . وقد أهله ما امتاز به من روحانية للنجاح فى تثبيت دعائم السلام بين جميع أساقفة هذا المجمع المقدس . وقد أجمعوا على انتخاب نكتاريوس أسقفا للقسطنطينية لأنه كان يحظى باحترام الجميع لما امتاز به من حكمة وسداد فى الرأى . وقد تولى رئاسة المجمع أيضا .
إلا أن الأنبا تيموثاوس كان له الدور الرئيسى والفعلى فى إدارة المجمع المقدس ، إذ كان متقدما ومتوليا مناقشة المبتدعين وتوجيه الأسئلة اللاهوتية التى أظهرت هرطقتهم .
وبعد ذلك انتقل المجمع إلى المناقشة فى بدعة مقدونيوس الأسقف القسطنطينى القائل بأن الروح القدس مخلوق . وبعد التداول والرجوع إلى الأسفار الإلهية وأقوال الآباء حكموا بتجريد مقدونيوس من كل رتبة كهنوتية ووقعوا الحرم عليه وعلى بدعته . وبادروا إلى تثبيت إيمان الكنيسة الجامعة فى الروح القدس فأضافوا إلى نص دستور الأيمان الذى وضعه مجمع نيقية القائل " نؤمن بالروح القدس " قولهم : " الرب المحيى المنبثق من الآب المسجودله والممجد مع الآب والأبن الناطق فى الأنبياء ". ثم أتموا دستور الأيمان بما يلى : " نؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسولية . ونعترف بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتى " .
وما أن انتهى المجمع من تتمة دستور الأيمان حتى نزل من المرتفعات الروحية إلى منخفضات المراتب العالمية ، فبدأ الأساقفة يتناقشون فى أيهم أعظم متناسين قول السيد له المجد " من أراد أن يكون فيكم عظيما فليكن للجميع عبدا " ( مر 10 :43-44 ) .
وكان هذا النقاش نتيجة لكون القسطنطينية أصبحت عاصمة الأمبراطورية الشرقية ، كما كانت رومية عاصمة الأمبراطورية الغربية فاطلق آباء هذا المجمع القسطنطينى على العاصمة الشرقية اسم " رومية الجديدة " ورأوا أن يقيسوا الكراسى الأسقفية بمقياس الأهمية المدنية للكرسى . وعلى هذا المقياس يجب أن يكون أسقف عاصمة الأمبراطورية الغربية الأسقف الأول فى الكنيسة الجامعة – لا لسبب إلا لأن الظروف السياسية جعلت من مقر كرسيه العاصمة للدولة . ومن ثم جعلوا لأسقف رومية المكانة الأولى ولأسقف القسطنطينية المكانة الثانية متناسين أورشليم مدينة الملك العظيم وأم الكنائس . ومما يدل على أن هذا التصرف كان الأول من نوعه أن مجمع نيقية أول المجامع المسكونية واعظمها مكانة قد اسند رياسته إلى هوسيوس أسقف قرطبة الذى لم يكن أسقفا لكرسى رسولى ولا لعاصمة مدنية . لأن آباء مجمع نيقية كانوا لا يزالون متمسكين بالتعاليم الرسولية القائلة بأن الأسقفية شرف فى ذاتها وأنها منحة إلهية لا صلة لها بالكرامات العالمية .
وعندما أعلن الآباء تسوية القسطنطينية برومية وأن لهاتين العاصمتين الأولية الكنسية احتج الأنبا تيموثيئوس بقولـه : " لقد علمنا مخلصنا بأن من أراد أن
يكون عظيما فينا فليكن للجميع عبدا . فالأولية الروحية يجب أن تسند إلى من يمتاز من الأساقفة بالجهاد فى الروحيات . وقد تفانى الأساقفة الأسكندريون فى
خدمة الأيمان الأرثوذكسى ، وكانت اخر الخدمات التى أدوها فى هذا السبيل تدعيمهم البنيان المصدع فى كنيسة القسطنطينية بالذات " .
كان رد الأنبا تيموثيئوس تحديدا فى النقاط الآتية :
1. لأنه يعتبر مبررا لأقحام الكراسى الدينية فى الرفعة المدنية .
2. لأن مجمع نيقية المسكونى الذى تصدى لتحديد مناطق النفوذ للكراسى الرسولية ، لم يدون فى قوانينه ، ما يثبت تقدم أحد الكراسى فى الكرامة على سواه بل جعلها فى مرتبة واحدة .
3. لم تك هناك قوانين سابقة تمنح كرسى روما " الكرامة الأولى " ، حتى يمكن وضع هذا القانون الذى يعطى لكرسى القسطنطينية " الكرامة الثانية " بعدها .
4. أن السيد المسيح قد رفض فكرة الرئاسة بين التلاميذ ، ومن ثم بين هذه الكراسى الرسولية .
غير أن آباء المجمع القسطنطينى قد أغفلوا هذا الأحتجاج وأصروا على ما قرروا فى شأن تلك التسوية بين العاصمتين ، وأيدوها فى ثالث القوانين السبعة التى سنوها .
فلم ير الأنبا تيموثيئوس أمام هذا الأصرار إلا أن ينسحب من ذلك المجمع هو وأساقفته عائدين إلى الأسكندرية .
فلما سمع غريغوريوس الثيئولوغس بما كان – وكان قد غادر القسطنطينية قبل أن
يغادرها الأنبا تيموثيئوس – شق عليه هذا الخلاف وعبر عما خالجه من حزن بقولـه : " كم تمنيت من الله أن لا يوجد بين كراسينا الأسقفية كرسى محظوظ ولا كرامة ممتازة ولا تقدم استبدادى ، واننا لم نعرف بغير الفضيلة وحدها ! فالأختلاف بين العروش الكنسية ، والدرجات العليا والسفلى ، وتقدم أسقف على أسقف وما يستتبع ذلك من نتائج ، كل هذه قد أدت إلى شرور لا حصر لها من غير أن تفيد أحدا ، ولقد تسببت شهوة الئاسة فى سقوط الكثيرين لا من الرعية فقط بل من الرعاة أيضا ، هؤلاء الرعاة الذين – مع كونهم معلمين فى إسرائيل – قد زاغوا عن حق الأنجيل " .
وقد سن المجمع سبعة قوانين صدق عليها ، وهى تبين وتبرهن أن أساس النظام الكنائسى لم يعد يسير وفق الأعتبارات الدينية بل المدنية .
· ينص القانون الأول على وجوب التمسك بدستور نيقية ، ورفض البدع الغريبة .
· والثانى على إعادة تحديد مناطق النفوذ الممنوحة للكراسى الرسولية . مع مراعاة ما حددته نيقية .
· والثالث ؛ الذى أعترض عليه الأنبا تيموثيئوس ، واستمرت الكنيسة القبطية فى عدم قبول هذا القرار .
· أما الرابع فخاص بإسقاط ورذل مكسيموس السينيكى الذى سعى للجلوس على كرسى القسطنطينية بغير حق .
· والسادس يبين ما ينبغى إتخاذه من تدابير إذا قدمت بعض الدعاوى ضد الأساقفة .
· أما الخامس والسابع فينظمان ما ينبغى اتخاذه عند رجوع الهراطقة أو أتباعهم ، إلى الأيمان الأرثوذكسى .
هكذا استفادت كل من الكنيسة والدولة من هذا المجمع ، الذى عمد فيه الأمبراطور ثيئودسيوس إلى فرض الوحدة على العالم المسيحى ، كما أعلن فيه نهائيا عدم شرعية المذهب الآريوسى . وفرض الأمبراطور عقوبات مشددة على أتباع المذهب الآريوسى فى جميع أنحاء الأمبراطورية ، وختم هذا المجمع على انتصار الأرثوذكسية ، والذى أعاد التأكيد والتوسع فى عقيدة نيقية .
ويعتبر مجمع القسطنطينية مكملا لمجمع نيقية من حيث توضيحه علاقة الثالوث فى ذاته . وأن خروج الكنيسة من مجمعى نيقية والقسطنطينية بتقرير لاهوت السيد المسيح وناسوته الكاملين يعتبر أعظم نصرة لقضية التجسد والفداء .
ولكن يؤخذ على هذا المجمع أنه وضع بادئة سيئة ، استغلتها كنيسة روما فيما بعد لفرض سيطرتها على العالم المسيحى ، وكانت سببا فى الأنقسام بين الشرق والغرب .
فنص القانون الثالث من قوانين مجمع القسطنطينية يقول : " ليكن لأسقف القسطنطينية الكرامة الأولى بعد أسقف روما ، لكونها روما الجديدة " . ويبدو أن
منح " الكرامة الأولى " لكرسى روما كان السبب الأول لأن يعترف الغربيون بمسكونية مجمع القسطنطينية على الرغم من عدم حضورهم فيه !! .
ولكن الكنيسة الشرقية عموما والكنيسة القبطية خاصة لا تعترف بهذه الأولوية ، وفقا لتعاليم السيد المسيح ، ولأن البابا تيموثيئوس احتج على هذا القانون فى حينه كما رأينا . ومما تجدر ملاحظته أن ما أراده المجتمعون لا يتعدى " كرامة "
دينية ولم يقصد منها ما ذهب إليه أصحاب دعوى باباوية أسقف روما ورئاسته ، فيما بعد لفرض السلطان الدينى ، وإلا ما كان الأساقفة الشرقيون قد وضعوا هذا القانون . والذين وضعوا هذا القانون قد وقعت عليهم مغبته فى ما بعد .
وكما عبثت أيدى الغربيين بقوانين مجمع نيقية ، فقد عبثت أيضا بإيمان مجمع القسطنطينية . ففى مجمع توليدو الذى عقد بأسبانيا سنة 589 م أدخلت زيادة على العبارة التى تقول عن الروح القدس " المنبثق عن الآب " ، فصارت " المنبثق من الآب والأبن " . وكانت هذه الزيادة باعثا عظيما على الأنشقاق الدينى بين الشرق والغرب فى القرن الثامن ، والأنفصام التام بينهم فى القرن الحادى عشر . وقد قبلت الكنيسة الغربية والكنيسة البروتستانتية فيما بعد ، هذه الزيادة ، ولكن رفضتها وما زالت ترفضها كل الكنائس الأرثوذكسية ، كما أن بعض اللاهوتيين البروتستانت لا يستريحون لهذه الزيادة ، ويظهر ذلك من كتاباتهم .
وفى احتفال جرى فى روما فى 7 يونية 1981 م ، بمرور 16 قرنا على مجمع القسطنطينية تلا البابا يوحنا بولس الثانى بابا روما قانون الأيمان خلوا من تلك
الزيادة ، وكان ذلك حدثا تاريخيا ، لكن ذلك لم يعمل به رسميا . إذ فيما يبدو لم يكن إلا حدثا فرديا . لأن كنيسته ما زالت تردد قانون الأيمان بالأنبثاق من الآب
والأبن .
أما الأنبا تيموثيئوس فلم يكد يصل إلى الأسكندرية ( بعد حضور مجمع القسطنطينية) حتى انتهز فرصة السلام الذى نشر ألويته الأمبراطور ثيئودسيوس الكبير فأخذ فى ترميم الكنائس التى هدمت إبان الأضطهاد الآريوسى ، وفى تشديد قلوب الأرثوذكسيين المتألمة من جراء هذا الأضطهاد ، وإلى جانب هذا العمل الرعوى واصل توجيه رسائله التعليمية إلى شعبه وإلى مختلف الشعوب المسيحية ، وبين الرسائل التى لم تعبث بها يد الدهر رسالته عن التوبة . وهى رسالة تفيض حنانا على التائبين وتجبر قلوبهم الكسيرة .
ولم يمنعه انشغاله بالتثقيف والتعليم من أن يكتب تراجم بعض رهبان الصحارى المصرية ومن بينهم الأب أبوللو الذى شبه بالملائكة .
وقد نالت شخصية الأنبا تيموثيئوس من الأحترام ما حدا بالأمبراطور ثيئودسيوس الكبير أن يطلق عليه لقب " قديـــس " فى الرسالة التى بعثها إلى أوبتاتوس أحد كبار موظفى البلاط الأمبراطورى .
وبعد أن قضى الأنبا تيموثيئوس ست سنوات وخمسة شهور فى تدبير أمور الكرازة المرقسية انتقل إلى بيعة الأبكار فى هدوء وسلام . بركته تكون معنا آمين .
نبذة عن الأمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير :
هو الذى اهتم باصدار الأوامر لعقد المجمع القسطنطينى لبحث بدعة مقدونيوس قبل أن يستفحل أمرها كان عالى الهمة ، حسن الأخلاق ، عادل الأحكام ، ولذلك لقبه التاريخ : بالملك الأرثوذكسى ! .
أصدر منشورا عام 381 م لجعل الديانة المسيحية ، الديانة الرسمية للمملكة ، ثم أمر بهدم المعابد الوثنية ، فهدم فى روما وحدها أكثر من 400 معبد كما صرح للبابا الأسكندرى الأنبا ثاوفيلس بتحويل كافة البرابى ومعابد الأوثان فى مصر إلى كنائس ، وكان ضمن هذه المعابد هيكل سيرابيس بالأسكندرية الذى حوله الأنبا ثاوفيلس إلى كنيستين سميتا بإسمى اركاديوس وهانوريوس ابنا الأمبراطور .
ولقد كتب أحد المؤرخين يصف مدى تأثير أمر الأمبراطور السابق فى مصر فقال : " كان للمصريين يومئذ أربعون ألف صنم للعبادة فحل محلها دين المسيح الآمر بالتوحيد ومع ذلك فقد بقى من العاكفين على دين الوثنية كثير بصعيد مصر ولم يمح هذا الدين إلا بتوالى الأيام وكر الأعوام
ورغم قسوة هذا الأمبراطور التى ظهرت فى بعض أحكامه إلا أنه كان سريع العفو لطيب قلبه وحسن عبادته .
أولا : بيان يوضح تسلسل البطاركة الأقباط فى الفترة القريبة من المجامع
المسكونية الثلاث ، مجمع نيقية ، ومجمع القسطنطينية ، ومجمع أفسس .
( 18 ) : ألبطريرك أرشيلاوس ، تاريخ الرسامة 311 م ( تقويم غربى ) – سنوان الأقامة سنة واحدة ، أشهر الملوك المعاصرين : ديوقلديانوس .
( 19 ) : البطريرك ألكسندروس – 322 م – 16 سنة – قسطنطين الأول .
( 20 ) أثناسيوس الرسولى – 328 م – 45 سنة – قسطنطين الأول والثانى ويوليانوس ، وجوفيانوس ، وفالتس .
( 21 ) بطرس الثانى – 373 م – 6 سنوات – فالنس .
( 22 ) تيموثاوس الأول – 379 م – 6 سنوات – ثيؤدسيوس الأول .
( 23 ) ثاوفيلس – 385 م – 27 سنة – أركاديوس، وثيؤدسيوس الثانى .
( 24 ) كيرلس الكبير أو عامود الدين – 412 م – 32 سنة – ثيؤدسيوس الثانى .
( 25 ) ديسقورس – 444 – 10 سنوات – ثيؤدسيوس الثانى .
( 26 ) تيموثاوس الثانى – 455 م – 22 سنة – زينون .
" إننا لا نطيق ولا بوجه من الوجوه ، أن يزعزع أحد الأيمان المحدود ؛ أعنى دستور الأيمان ، الذى كتب من آبائنا القديسين .. ولا نسمح لأنفسنا ولا لغيرنا
أن يغير كلمة من الكلمات المسطرة فيه ، أو أن يخالف تهجئة واحدة منه ! "
( كيرلس الكبير من خطاب له بعث به إلى يوحنا بطريرك أنطاكية ) .
ثانيـــــــــــا : تكملة موضوع مجمع القسطنطينية
وضع آباء المجمع المسكونى الثانى ، الجزء الأخير من قانون الأيمان الخاص بلاهوت الروح القدس كما أوضحنا ، وأبانوا فيه انبثاق الروح القدس من الآب فقط ، وتمسكت الكنيسة شرقا وغربا بما دونه الآباء دون زيادة أو نقص .
ولكن كنيسة روما ، قامت بعد بضع قرون من وضع هذا القانون وأضافت عليه لفظة "
والأبن " ثم نادت بانبثاق الروح القدس من الآب والأبن .
ولقد حددت عقيدتها هذه فى المجمع الليونى الثانى الذى التأم فى عهد البابا غريغوريوس العاشر ، حيث أثبت قانون الأيمان مع الزيادة التى ادخلت عليه ، فقال
" نؤمن بالروح القدس المنبثق من الآب والأبن " ، كما أعلن المجمع الفلورنتينى قائلا : " نحدد ..... أن الروح القدس منبثق منذ الأزل من الآب والأبن كمن مصدر واحد ومن نفخة واحدة " !( كتاب اللاهوت النظرى للخورى الياس الجميل – المجلد الثانى )
ولسنا ندرى كيف استساغت كنيسة روما لنفسها أن تعبث بقانون الأيمان رغم تحديدات الآباء القديسين – الذين التأموا فى المجامع المسكونية – التى تحرم كل من تسول له نفسه أن يحدث تغييرا فيما وضعوه .
على أن هده الكلمة الواحدة التى أضافوها ، قد أحدثت تغييرا فى عقيدة " انبثاق الروح القدس " التى تعتبر من أهم عقائد المسيحية والتى نرى أن ندون عجالة عنها فى هذا الفصل .
تاريخ ادخال الزيادة على قانون الأيمان :
أجمع المؤرخون على أن أول من نادى بهذه العقيدة الغريبة ، ( عقيدة الأنبثاق من الآب والأبن ) رجل يدعى " لوكيوس " ظهر فى الجيل الثامن . ولقد حاول نشر بدعته فى بلاد الشرق ، ولكن أهلها لم يذعنوا له ، فتركها ويمم صوب روما ، غير أن مساعيه قد خابت هناك ، فذهب إلى فرنسا ، وهناك وجد مرتعا خصبا لبث دعوته ولنشر تعليمه ، حيث عضده الأكليروس الفرنسى وساعده الأمبراطور كارلوس الكبير الذى أمر بعقد مجمع فى مدينة اكوسفرانا سنة 809 م . تقرر فيه قبول إضافة كلمة " الأبن " فى قانون الأيمان رسميا .
ثم أرسل كارلوس من قبله ثلاثة سفراء للبابا الرومانى لاون الثالث المعاصر له ، وطلب منه أن يوافق على هذا التعليم : ولكن لاون الثالث قد رفض هذا الطلب وأبى أن يسمح بإدخال أى زيادة على قانون الأيمان ! ثم قال لسفراء كارلوس : " إنى لا أعلم ما إذا كان الآباء القدماء قد عملوا عملا أفضل بتركهم هذه الكلمة ولا أقدر أن أوكد أنهم لم يعلموا جيدا هذا الأمر كما نعلمه نحن . لأننى لا أتجاسر أن أشبه نفسى بهم فضلا عن أن أفضل نفسى عليهم ! . ومهما كانت غايتنا حسنة فيجب علينا أن نخشى لئلا نضر نحن ماهو فى ذاته حسن ببعدنا عن المنهج القديم فى التعليم . لأن الآباء لما منعوا كل زيادة فى الدستور لم يقسموا النيات إلى نية صالحة ونية رديئة بل منعوا الزيادة منعا مطلقا حتى لم يسمحوا ولا بأن يفتكر أحد لماذا فعلوا هكذا " .
وبالأضافة إلى هذا الأقرار الواضح ، قام البابا لاون الثالث بعقد مجمع فى عام 810 م قرر فيه حرم كل من يقول بالزيادة أو يعتقد بها ، ولتثبيت المعتقد القويم
أخرج لوحين من النحاس كان القانون القسطنطينى منقوشا عليها باللغتين اليونانية واللاتينية وعلقهما على باب الكنيسة ثم أمر بنقش الدستور المذكور على لوحين آخرين من الفضة ، وبعدما تم ذلك وضع هذين اللوحين على الباب المقابل لقبر القديسين بطرس وبولس ، وذلك بعد أن كتب على اللوحين إقراره الاتى : " أنا لاون قد نصبت هذين اللوحين حبا بالأيمان الأرثوذكسى وحفظا له " .
ولما مات لاون الثالث خلفه على كرسى رومية البابا بنديكتوس الثالث ، عام 855 م ، الذى عمل جاهدا على مقاومة هذا التعديل على قانون الأيمان .
ولقد حافظ اكثر البابوات الذين خلفوا البابا بنديكتوس الثالث على سلامة القانون من الزيادة أو التحريف ومنذ ذلك الحين بقيت الزيادة على قانون الأيمان ، بين القبول والرفض من بابوات رومية ، الواحد يؤيدها والآخر يرفضها ، إلا أن قام البابا بنديكتوس الثامن الذى عين عام 1012 م ، فقرر إضافتها رسميا فى دستور إيمان اللاتين عام 1014 م ، وهذا يعنى أن كنيسة رومية لم تقبل زيادة قانون الأيمان إلا فى أوائل القرن الحادى عشر .
والآن بعد أن عرفنا تاريخ ظهور التعليم الغريب نرى أن نثبت صحة عقيدتنا الأرثوذكسية التى تقول وفقا لما قررته المجامع المسكونية بانبثاق الروح القدس
من الآب فقط .
الأدلة الكتابية والمجمعية :
فى الكتاب المقدس ثلاث شهادات إلهية نطق بها السيد المسيح حيث قال :
1- " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد ، روح الحق الذى لا يستطيع العالم أن يقبله " ( يو 14 16 ، 17 ) .
2- " وأما المعزى الروح القدس الذى سيرسله الآب بأسمى فهو يعلمكم كل شىء ويذكركم بكل ما قلته لكم " ( بو 14 : 26 ) .
3- " ومتى جاء المعزى الذى سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذى من عند الآب ينبثق فهو يشهد لى " ( يو 15: 26 ) .
الأدلــــــــــة النقليــــــــــة :
1- قال القديس أثناسيوس الرسولى فى المجلد الثانى لأنطيوخس : " كما أن قرص الشمس هو وحده علة وغير مولود من أحد ، أما الشعاع فمولود ومعلول من القرص ، والنور منبثق وبارز من القرص وحده ، وهو بالشعاع مرسل ومشرق على الأرض ، هكذا اللــــه الآب وحده علة الأثنين وغير مولود ، أما الأبن فإنه من الآب وحده معلول ومولود ، والروح نفسه من الآب وحده معلول ومنبثق وهو بالأبن مرسل إلى
العالم " .
2- وقال القديس باسيليوس الكبير : " كما أن الكلمة الخالق شيد السماء هكذا الوح القدس الصادر من الله الذى من الآب ينبثق " .
3- وقال القديس كيرلس الأسكندرى فى مقالة له عن اللاهوت : " أما الثلاثة الأقانيم فقد تعرف ويؤمن بها فى الآب الذى لا إيتداء له والأبن الوحيد والروح
القدس المنبثق من الآب وحده ، فهو ليس مولودا من الأبن لكنه منبثق من الآب وحده ، وكما أن الإبن من الآب على جهة الولادة ، هكذا الروح من الآب على جهة
الأنبثاق " .
كما لا زالت كتابات آباء الكنيسة الغربية – التى قبلت هذه الزيادة أخيرا ، وغيرت عقيدتها فى انبثاق الروح القدس – تشهد معنا بصحة عقيدتنا الأرثوذكسية ،
التى هى عقيدة الكنيسة جمعاء منذ فجر المسيحية .
وفى الكتب الطقسية الكاثوليكية ، ما يثبت صحة العقيدة الأرثوذكسية ! ، مثل ماجاء فى كتاب الخولاجى المطبوع فى رومية عام 1736 م مانصه : " روح الحق أتى من الآب واستراح على رؤوس التلاميذ الأطهار وحل فى أفواههم ...... الروح القدس غير المستحيل المتيلط المحيى المنبثق من الآب الذى نطق فى الأنبياء حل على آبائنا كوعد المسيح وتكلموا بكل لغة " .
0 التعليقات:
إرسال تعليق